قام قضاة وموظفو المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بزيارة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، وذلك يومي 29 و30 سبتمبر 2022. قام وفد من قضاة وموظفي المحكمة الإفريقية برئاسة القاضية إيماني د. عبود رئيسة المحكمة، بزيارة اقرانهم في المحكمة الأوروبية بهدف الاستفادة من التعاون القائم وتبادل افضل الممارسات وتعزيز المعرفة بشأن الحماية الإقليمية لحقوق الإنسان.
التقى وفد المحكمة الأفريقية بالسيد جون فريدريك كيولبرو، نائب رئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وايضاً عدد من قضاة وموظفي قلم المحكمة. اثناء افتتاح الاجتماع الرئيسي تمت مناقشة مجالات التعاون الاستراتيجي بين المؤسستان والتأكيد على أهمية وسياق مشاركتهما البارزة. وخصص الجزء الأكبر من الاجتماع لمناقشة مختلف المسائل الموضوعية التي تتراوح بين الممارسات القضائية وإلى التعاون مع الدول وإدارة المعرفة.
أكد السيد كيولبرو، نائب رئيس المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اثناء حديثه لوفد المحكمة الأفريقية على القواسم المشتركة في ولايتي المحكمتين الإقليمتين لحقوق الإنسان، كما أشار إلى تحديات مماثلة على الرغم من سياقاتها الاجتماعية والسياسية الخاصة.
وأشار إلى الحاجة لمواصلة الجهود المنهجية نحو مزيد من الحوار القضائي من خلال الاستفادة من الإطار الحالي المحدد بموجب إعلاني كمبالا 2019 وسان خوسيه 2018، اللذين يشملان أيضاً محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان.
وفي معرض تسليط الضوء على الحاجة الماسة إلى الحوار القضائي، أكد السيد كيولبرو نائب رئيس المحكمة الأوروبية على ممارسة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتمثلة في الاستلهام من جميع المعايير والمبادئ الدولية ذات الصلة، بما في ذلك الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، مع التركيز على التقريب بين الأحكام والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
كررت القاضية إيماني د. عبود رئيسة المحكمة الأفريقية من جانبها عن المشاعر التي أعرب عنها نائب رئيس المحكمة الأوروبية بشأن المسؤولية المشتركة للمحكمتين في تحقيق العدالة الفعالة والسريعة لضحايا انتهكات حقوق الإنسان. وشددت على الحاجة إلى تبادل أفضل حلول العدالة للقضايا المحلية من حيث حدوثها ولكنها عالمية في الطريقة التي تؤثر بها على البشرية، عندما لا يتم إقامة العدل في الوقت المناسب وبفعالية، او لا يتم تطبيقه على الإطلاق.
بينما أقرت القاضية عبود رئيسة المحكمة الأفريقية بالجهود المبذولة لإضفاء الطابع المؤسسي على الحوار القضائي بين المحاكم الإقليمية الثلاث النشطة، فقد أصرت على الضرورة الملحة لنقل الاتفاقات الحالية إلى المستوى التالي من خلال صياغة أدوات وآليات ملموسة للتعزيز المتبادل على أساس التبادلات التي تحمل قدرة متزايدة على التوفيق بين السياق. وأشارت إلى الإلهام الكبير الذي اكتسبته المحكمة الأفريقية من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في بناء فقه قضائي أفريقي لحقوق الإنسان، ودفعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى النظر في السوابق القضائية سريعة التطور للمحكمة الأفريقية في التعامل مع المشاكل القضائية التي تتقارب بشكل متزايد في القارتين. فيما يتعلق بقضايا مثل الديمقراطية الدستورية وتقرير المصير والحقوق المدنية.
وشملت عمليات التبادل التي استمرت يومين أيضاً مسائل موضوعية أكثر تحديداً تتعلق بأفضل الممارسات في مجال إدارة القضايا، وصياغة الوثائق القانونية والقرارات القضائية، والحد من الأعمال المتراكمة، خاصة ولا سيما فيما يتعلق بالطرق المبتكرة لتحقيق العدالة بسرعة دون المساس بالجودة. كما تبادلت المحكمتان الخبرات بشأن تنفيذ الأحكام، والدروس المستفادة فيما يتعلق بإدارة المعرفة، وأخيراً بشأن مستقبل تعاونهما.
وباعتبار المحكمة الأفريقية الجهاز القضائي التنفيذي الوحيد للاتحاد الأفريقي، فقد اعتمدت الحوار القضائي كأحد الركائز الأساسية لخطتها الاستراتيجية. وهذا الخيار الاستراتيجي موجه نحو تحقيق ولايتها المتمثلة في حماية وإنفاذ الحقوق المكفولة في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وغيره من المعايير الدولية الواجبة التطبيق. في هذا الصدد، كانت هذه الزيارة بين الأقران بمثابة أحد الأنشطة التي تهدف الأنشطة الرامية إلى متابعة الحوار القضائي بطريقة منهجية.
في ختام التبادلات، أشارت المؤسستان إلى أهمية استمرار الحوار على جميع المنصات بما في ذلك المنصات الافتراضية (عبر الفيديو) والمادية (عقد الاجتماعات). واتفقا على خطة لتبادل القضاة والموظفين وكذلك لتوسيع شبكة التعاون لتشمل محاكم دولية أخرى ليست لها ولاية مباشرة في مجال لحقوق الإنسان، ولكنها مع ذلك تشارك في حماية حقوق الإنسان وتطوير معاييرها.